تاريخياً ومنذ رفض التقسيم الأممي في عام 1948م والدول العربية على عداء مع إسرائيل ككيان سياسي جغرافي محتل على الأرض. في الثمانين عاماً التي تلت ذلك وبعد حروب عدة كانت إسرائيل تتوسع وتقوى والعرب يضعفون. بعض الفلسطينيين ممن يتاجر وينتفع مادياً من «القضية» فضلوا مؤخراً استمرار الحال كما هي عليه وتلقي الدعم المالي من دول الخليج حتى أصبح دفع هذه الأموال بالنسبة للدول المانحة فرضاً وابتزازاً وبالنسبة للكثير من القيادات الفلسطينية إدماناً.
لا يمكن تصوّر دول الخليج العربي، (باستثناء قطر التي يحكمها نظام قائم في الأصل على الخيانة والغدر ودفع الرشاوى واشعال الفتن)، ذات الاقتصادات المتطورة والخطط الواعدة وفي ظل التنافس العالمي الكبير لخلق مناخات الاستثمار وجلب رؤوس الأموال، أن تستمر في عدائها مع إسرائيل إلى الأبد خصوصاً بعد رفض الفلسطينيين لآخر خطة للسلام التي وإن أتت أقل من المأمول إلا أنها شكلت الفرصة الوحيدة المتاحة. وعلى وجه العموم لا يمكن لأي عاقل أن يغض الطرف عن النمو الكبير داخل إسرائيل الذي مكنها أن تصبح قوة سياسية واقتصادية مؤثرة لا يستهان بها. تركيا الدولة «الإسلامية»، كانت في طليعة الدول التي اعترفت بالدولة اليهودية منذ تأسيسها بل وسارعت في نقل سفارتها إلى القدس قبل عامين. تركيا فعلت وتفعل ذلك لوجود تبادل تجاري وصناعي وعسكري كبير مع إسرائيل بلغ ذروته عندما زاد عن أربعة مليارات دولار قبل عام.
السعودية، ذات الاقتصاد الأضخم في دول الخليج، مدركة لأهمية التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة بل ومع العالم كونه صمام أمان للأمن والاستقرار. لكن المملكة ودعماً منها للقضية، لم تبادر إلى فتح أي نوع من التعاون مع إسرائيل حتى مع احتوائها على جالية إسلامية تعدادها 1.5 مليون مسلم وتعد الديانة الإسلامية الأكبر بعد اليهودية. بدلاً من ذلك وعبر العقود الأربعة الماضية سعت الحكومة السعودية إلى تعاون بناء ومثمر وجاد مع الجمهورية «الإسلامية» في إيران دون أن تتلقى أي ترحيب. بل العكس هو الصحيح فقد ازدادت شهية حكومة إيران الغارقة في الأيديولوجيا والأوهام وسعت للتمدد وتهديد المملكة في وضح النهار عبر ميليشياتها ومرتزقتها.
قرار دولة الإمارات قبل أيام هو القرار الأصوب والأقرب إلى الواقع الذي يلامس مصالحها وهي مصالح مرتبطة باستراتيجيتها كموقع مالي عالمي مرموق قد يسحب البساط من مراكز مشابهة في شرق آسيا. مثل هذا القرار السيادي الإماراتي فعلته مصر وتبعتها الأردن منذ عقود وهناك تواصل بين عدد من الدول العربية الأخرى مع إسرائيل كما أشار الرئيس ترمب قبل يومين. هل كل هؤلاء خانوا قضية فلسطين؟ بالطبع لا بل إن وجود العلاقات بين إسرائيل والدول العربية وخصوصاً المؤثرة يصب في صالح المتفاوض العربي والحفاظ على حقوقه. فرق كبير أن تتفاوض مع طرف لديه ما يخسره من علاقات ومصالح تجارية وبين أن تتفاوض مع نفس الطرف عندما لا يخشى من فقدان أي شيء لأنه ببساطة غير موجود أصلاً.
القاعدة في هذا الزمن الذي تشابكت به الدول في منافعها وتغلغل الاقتصاد الرقمي في معاملاتها تختلف عن زمن العنتريات واللاءات الثلاث. من أهم مؤشرات نجاح واستقرار أي دولة وما يؤسس لشرعية حكومتها تكمن في قدرتها على بناء الإنسان والتنافس على جودة الحياة وتحسين مستوى المعيشة والمحافظة على هذه المنجزات. تحقيق هذه الأهداف يتطلب فكراً براغماتياً واضحاً بعيداً عن الشعارات الفارغة التي سيطرت على العقول لعقود عدة والتي لا يطلقها إلا مجتمعات ودول فاسدة وفاشلة أو منافقة.
كاتب سعودي
DeghaitherF@
لا يمكن تصوّر دول الخليج العربي، (باستثناء قطر التي يحكمها نظام قائم في الأصل على الخيانة والغدر ودفع الرشاوى واشعال الفتن)، ذات الاقتصادات المتطورة والخطط الواعدة وفي ظل التنافس العالمي الكبير لخلق مناخات الاستثمار وجلب رؤوس الأموال، أن تستمر في عدائها مع إسرائيل إلى الأبد خصوصاً بعد رفض الفلسطينيين لآخر خطة للسلام التي وإن أتت أقل من المأمول إلا أنها شكلت الفرصة الوحيدة المتاحة. وعلى وجه العموم لا يمكن لأي عاقل أن يغض الطرف عن النمو الكبير داخل إسرائيل الذي مكنها أن تصبح قوة سياسية واقتصادية مؤثرة لا يستهان بها. تركيا الدولة «الإسلامية»، كانت في طليعة الدول التي اعترفت بالدولة اليهودية منذ تأسيسها بل وسارعت في نقل سفارتها إلى القدس قبل عامين. تركيا فعلت وتفعل ذلك لوجود تبادل تجاري وصناعي وعسكري كبير مع إسرائيل بلغ ذروته عندما زاد عن أربعة مليارات دولار قبل عام.
السعودية، ذات الاقتصاد الأضخم في دول الخليج، مدركة لأهمية التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة بل ومع العالم كونه صمام أمان للأمن والاستقرار. لكن المملكة ودعماً منها للقضية، لم تبادر إلى فتح أي نوع من التعاون مع إسرائيل حتى مع احتوائها على جالية إسلامية تعدادها 1.5 مليون مسلم وتعد الديانة الإسلامية الأكبر بعد اليهودية. بدلاً من ذلك وعبر العقود الأربعة الماضية سعت الحكومة السعودية إلى تعاون بناء ومثمر وجاد مع الجمهورية «الإسلامية» في إيران دون أن تتلقى أي ترحيب. بل العكس هو الصحيح فقد ازدادت شهية حكومة إيران الغارقة في الأيديولوجيا والأوهام وسعت للتمدد وتهديد المملكة في وضح النهار عبر ميليشياتها ومرتزقتها.
قرار دولة الإمارات قبل أيام هو القرار الأصوب والأقرب إلى الواقع الذي يلامس مصالحها وهي مصالح مرتبطة باستراتيجيتها كموقع مالي عالمي مرموق قد يسحب البساط من مراكز مشابهة في شرق آسيا. مثل هذا القرار السيادي الإماراتي فعلته مصر وتبعتها الأردن منذ عقود وهناك تواصل بين عدد من الدول العربية الأخرى مع إسرائيل كما أشار الرئيس ترمب قبل يومين. هل كل هؤلاء خانوا قضية فلسطين؟ بالطبع لا بل إن وجود العلاقات بين إسرائيل والدول العربية وخصوصاً المؤثرة يصب في صالح المتفاوض العربي والحفاظ على حقوقه. فرق كبير أن تتفاوض مع طرف لديه ما يخسره من علاقات ومصالح تجارية وبين أن تتفاوض مع نفس الطرف عندما لا يخشى من فقدان أي شيء لأنه ببساطة غير موجود أصلاً.
القاعدة في هذا الزمن الذي تشابكت به الدول في منافعها وتغلغل الاقتصاد الرقمي في معاملاتها تختلف عن زمن العنتريات واللاءات الثلاث. من أهم مؤشرات نجاح واستقرار أي دولة وما يؤسس لشرعية حكومتها تكمن في قدرتها على بناء الإنسان والتنافس على جودة الحياة وتحسين مستوى المعيشة والمحافظة على هذه المنجزات. تحقيق هذه الأهداف يتطلب فكراً براغماتياً واضحاً بعيداً عن الشعارات الفارغة التي سيطرت على العقول لعقود عدة والتي لا يطلقها إلا مجتمعات ودول فاسدة وفاشلة أو منافقة.
كاتب سعودي
DeghaitherF@